يمكن اجراء البحث
التوحد

التطور التاريخي لاضطراب طيف التوحد

مراحل حول دراسة التوحد

یمكن الإشارة إلى تاریخ اضطراب التوحد طبقا للمراحـل التـي مـرت بهـا الدراسـات التـي تناولتـه منـذ أن اكتشـفه كـانر عـام(1943،Kanner) مـن القـرن الماضـي وذلـك علـى النحـو التالي:

21-المرحلة الأولى 

ویطلـق علـى هـذه المرحلـة مرحلـة الدراسـات الوصـفیة الأولـى، وهـي تلك التـي أجریـت في الفترة ما بین أواسط وأواخر الخمسینیات من القرن الماضي .

وكان الهدف الذي تسعى إلیـه هـو أن یتضـح مـن خـلال التقـاریر و صـف سـلوك الأطفـال التوحـدیین، وأثـر الاضـطراب علـى السـلوك  بصـفة عامـة حیـث اهتمـت الدراسـات بالأطفـال ذوي “التوحـد الطفـولي المبكـر”Early

Imfontil Autism حیـث كـان یشـخص اضـطراب التوحـد علـى أنـه أحـد ذعانـات الطفولة.

كما كان یطلق على”الاوتیزم” في ذلك الوقت بالإضافة إلى الأنواع الأخرى من التوحـد والاضطرابات ، ومن تحلیل تلك الدراسات یتضح أن الكثیر من المعلومات المتضمنة فـي هـذه التقاریر أظهرت خصائص الأوتیزم ولكن عدم التجانس بین المجموعـات أو أفـراد المجموعـات الموصـوفة فـي تلـك الدراسـات سـوءا بالنسـبة للعمـر الزمنـي أو المسـتوى العقلـي وأسـالیب التشـخیص  ، أو تفسـیر الأسـباب قـد أدت إلـى القلیـل مـن الاسـتنتاجات التـي یمكـن أن تؤخـذ فـي الاعتبار على المدى الطویل

ومن الأسماء التـي بـرزت بجهودهـا فـي العملیـة سـواء كانـت دراسـات أو تقـاریر  خـلال هـذه المرحلـة نجـد

“لیـون أیزنیـرج”(Leon Eisenberg)،(1956)

الـذي یعـد أحـد الأوائـل الـذین تنـاولوا وصـف حـالات الاوتیـزم  بالتحصـیل ولكـن لأن الوصـف والتقـاریر التـي قـدمها كانـت قصصـیة إلـى حـد كبیـر عـن الحالبـات فـي بدایـة مـراهقتهم عنـد التقیـیم، فقـد كانـ ت المعـاییر المسـتخدمة غیر مناسـبة وغیر دقیقـة أو غیر كافیـة إذ جاءت نتـائج التق اریر التـي قدمها متنوعـة ومختلطـة إلـى حـد كبیـر حیـث فـي تناولـه لوصـف درجـة الاعتمـاد أو الاسـتقلال لـدى أفراد تلك الحالات وذكر أن نسبة     كبیرة   من الأفراد الذین اشتركوا في الدراسة وصفوا باسـتمرارالاعتمادیـة لـدیهم علـى غیـرهم بشـدة إلا أن حـ والي ( 3/2) أفـراد المجموعـة قـد وصـل إلـى

التكیـف الاجتمـاعي المعتـدل علـى الـرغم كمـن نـدر ة أي توجیـه أو معاملـة متخصصـة تـوفرت لهـؤلاء الأفـراد في ذلـك الوقـت، أي أن التق اریر أثبتـت أن هنـاك أقلبی ة نجحـت فـي تحقی ق اسـتقلال جیـد بـین أفـراد تلـك المجموعـات إلا أن الاخـتلاف والتبـاین فـي الممـارات الاجتماعیـة ظل واضحا حتى بین هؤلاء الأفراد.

أمـا العـالم والطبیـب النفسـي لیـو كـانر (Lea Kanner)

فـي عـام 1943 نشـر دراسـته وصف فیها 11 طفلا اشتركوا في سلوكیات لا تتشابه مع أیـة اضـطرابات عرفـت آنـذاك، ولـذا اقترح أإدراج هـذه السـلوكیات تحـت وصـف تشخیصـي جدیـد ومنفصـل أطلـق علیـه اسـم التوحـد الطفولي وبهذه الدراسة وهذا التشخیص بدأ تاریخ التوحد.

ویشـیر كـانر إلـى أن الأطفـال التوحـدیین لا یبـدون كأطفـال طبیعیـین فحسـب بـل إنهـم عادة ما یكونـون جـذابین أیضـا وقـد أورد كـانر أن السـبب وراء انطـواء الطفـل التوحـدي وعزلتـه الاجتماعیـة یرجـع  بالدرجـة الأولـى إلـى الوالـدین فهـو یلـوم الأم علـى كـون الطفـل منطویـ ا أو متوحـدا وبمعنـى آخـر یقـر بـذنب الأم عدیمـة الإحسـاس والمشـاعر.

كما حدد كانر(Kanner) الخصـائص التـي تمیـز الطفـل التوحـدي وهـي كالتـالي:

  • عجز الطفل عن إقامة علاقات مع الآخرین.
  • قـررت الأمهـات أن الطفـل لا یظهـر فـي طریقـة جلسـة أو فـي حـال وقوفـه ثابتـا وذلـك قبـل أو بعد ذلك.
  • التأخر في اكتساب اللغة حیث یبدأ 8 من 11 طفلا إما في الوقت المناسب أو بعد ذلك.
  • یتمتع الأطفال التوحدیون بذاكرة استظهاریة جیدة.
  • المصادأة (تكرار الأصوات محددة).
  • یلتزم الطفل دائما بالمعنى الحرفي للكلمات.
  • تستخدم الضمائر الشخصیة على نحو غیر دقیق( عكس الضمائر).
  • یبدي الطفل التوحدي ردود فعل غیر عادیة أو شاذة للمثیرات الحسیة.
  • یبدي الطفل التوحدي رغبة جارفة في رؤیة العالم من حوله على أنه ثابت.
  • الانزعاج من التغییر.
  • اللعب بطریقة تكراریة.
  • ینحدر كل الأطفال التوحدیین من أسر ذكیة.

ومـن  المصـادفات العجیبـة أن العـالم النمسـاوي هـانز اسـبرجر (Hans Asperger)

اكتشف في فیبنـا عام 1943 ح الات تختلـف في سـماتها وأعراضها عن حـالات لی و كـانر (Lea Kanner) المسـماة بالتوحـد، وقـان بنشـر بحثـه باللغـة الألمانیـة، وتداولتـه بعـض الـدو ائر العلمیة المحیطة في أوروبا، ولم یتم التعرف علیه في أمریكا بسبب الحـرب العالمیـة الثانیـة

ثـم التقـى هـانز اسـبرجر (Hans Asperger) بعـد ذلـك بإحـدى السـیدات الانجلیزیـات فـي إحـدى اللقـاءات العلمیـة فـي فینـا، وقامـت بتلخـیص بحثـه فـي إحـدى الـ دوریات الانجلیزیـة، وفـي السـتینیات كـان تشـخیص هـذه الفئـة علـى أنهـا نـوع مـن الفصـام الطفـولي (Imfantile Schesaphrenia) وذلـك وفـق مـا ورد الطبعـ ة الثانیـة مـن القـاموس الإحصـائي لتشـخیص الأمراض العقلیـة (D.S.M2) ولـم ی تم الاعتـراف بخطـأ هذا التصـنیف إلا فـي عـام (1980) حینمـا نشـرت الطبعـة الثالثـة المعدلـة مـن القـاموس الإحصـائي لتشـخیص للأمـراض العقلیـة (D.S.M3).

22– المرحلة الثانیة : 

كانت المرحلـة الثانیـة امتـدادا واسـتمرار للمرحلـة الأولـى (الدراسـات الوصـفیة) وفـي عـز القـرار أحـد البـاحثین وهـو فیكتـور لـوتر ( Victor Lotter) أن الدراسـات التـي أجریـت فـي هـذهالمرحلة كانت منذ أواخر الخمسینات إلى أواخر السبعینات لا تزال فـي طـور التقـاریر المبدئیـةالآثـ ار الناجمـة عـن التوحـد كما  أنهـا  لا تـزال تركـز على التطـورات المحتملـة فـي القدرات والمهارات لدى الأطفال التوحدیین نتیجة للتدریس،

وفـي نفـس الوقـت نتـائج فیكتـور لـوتر(Victor Lotter) عـام 1974 والتـي حاولـت بدقـة البحـث حالـة (29) مـن الشـباب الصـغار تتـراوح أعمـارهم بـین 16-18 عامـا كـان قـد تـم تشخیصـهم علـى أنهـم حـالات “أوتیـزم” وهـم فـي مرحلـة عمریـة سـابقة للدراسـة الحالیـة، وقـد أوضحت نتائج الدراسة. أن 24% من أفراد العینة المشتركة یدرسون في مدرسة ومـن الممكـن أن یعكسوا تحسنا فعلیا في الوضع الأكادیمي،

أقل مـن نصـف الأفـراد المشـتركون فـي الدراسـة كانوا قد تلقوا عـامین فقـط مـن التعلـیم والكثیـرین لـم یـذهبوا إلـى المدرسـة مـن البدایـة، ومـع ذلـك فإنـه بـین (22) فـرد مـن الأفـراد الـذین تركـوا المدرسـة بوجـود فـرد واحـد فقـط هـو الـذي  یعمـل و(14) نـزلاء لفتـرة طویلـة بالمستشـفیات و (4) ظلـوا فـي منـازلهم و(5) أفـراد یـذهبون لمراكـز التدریب الیومیة وبالنس بة للمسـ توى التكی ف الاجتم اعي له ؤلاء الافـراد14% فقط تم وصـفهم ذوي مسـتوى جیـد فـي التكیـف والتفاعـل الاجتمـاعي فـي حـین أن الغالبیـة العظمـى قـد وصـفو بـأنهم ذوي مسـتوى تكیـف و تفاعـل اجتمـاعي ضـعیف، و بصـفة عامـة كانـت الفتیـات أقـل فـي المسـتوى التفاعـل الاجتمـاعي ولـم تتعـدى أي مـنهن مسـتوى التفاعـل الاجتمـاعي الجیـد أو المقبول

وفي الأخیر یمكن أن نستخلص من تلك الدراسـات الأولیـة المتلاحقـة ثلاثـة ملاحظـات أساسیة وهي كالتالي:

  • التأكید على أهمیـة التطـور المبكـر للغـة فـي سـن مبكـرة، حیـث الاسـتخدام الجیـد أو الواضـح للغة لدى الأطفال یعد احد المؤشرات إلى مهمة لتحدید حالات التوحد.
  • النظـر إلـى مقـدار انخفـاض القـدرات العقلیـة كأحـد العوامـل التـي یمكـن أن تسـتخدم كمؤشـر یعتمـد علیـه، حیـث أن الأطفـال التوحـدیون غیـر قـادرین علـى الاسـتجابة لمقـاییس الـذكاء أو الـذین كانت درجاتهم منخفضـة على مق اییس الـ ذكاء ممن تقل نسـبة ذكائهم 55،10ك انبعضهم یستمرون في الاعتماد على الآخرین بشدة.

23– المرحلة الثالثة 

رغـم أن فتـرة الثمانینـات والتسـعینات مـن هـذا القـرن سـاعدت تیـارا ثابتـا مـن التقـاریر المتتابعة والكثیرة في مجال دراسات موضـوع “الاوتیـزم” إلا أن أغلـب هـذه الأبحـاث والدراسـات ركزت أكثر على الأفراد ذوي مستوى أعلى للقدرات.

حیـث نجـد علـى  سـبیل المثـال “شـینج و ولـى”(Lee وChung) اللـذان تابعـا عـام(1990) حالـة (66) طفـل مـن ذوي “الاوتیـزم”  یـذهبون إلـى العیـادات النفسـیة فـي هونـغ كونـغ عـام(1986)

وقد أوضـحت نتائج متابعـة تلـك الحالات أن أفضـل تطور كـان لصالح الحالات التي استطاعت أن تستخدم اللغة ابتداء من سن الخامسة وهذه الحالات التي سـجلت أرقامـا مرتفعـة فـي الاختبـارات القـدرات العقلیـة والتوظیـف و العلاقـات الاجتماعیـة.

ویشیر كامل(1998) في صیاغ هذه المرحلة والتي یمكن القول  عنها لا تـزال مسـتمرة حتى الآن، وأن الدراسات الخاصة في الفترات الأخیرة قد ركزت على ما یلي:

  • أهمیـة تطـور اللغـة بالنسـبة للأطفـال التوحـدیین بـبعض المهـارات أو القـدرات الإدراكیـة واللغویة الكبیرة نسبیا لا یضمن لهم بالضـرورة أن تتطـور حالـة هـؤلاء بشـكل جیـد دون التـدخل المتخصـص مـن أجـل التـدریب فـي بعـض المجـالات المعنیـة مثـل العملیـات الحسـابیة أو الموسیقى على سبیل المثال.
  • إن المعلومـات المتضـمنة فـي التقـاریر دراسـات المرحلـة الثالثـة أكثـر تنظیمیـة وموضـوعیة من دراسات المرحلتین السابقتین.
  • وسـائل التشـخیص ومـن ثـم نتـائج التصـمیم التـي كانـت مسـتخدمة فـي الدراسـات البـاكرة تختلـف بعـض الشـيء عـن تلـك المسـتخدمة فـي الدراسـات اللاحقـة، ومـن ثـم فـإن تقسـیم أي تطـور فـي أداء عینـات الدراسـات سـوف تختلـف نتیجتـه النهائیـة وكـذلك النتـائج المترتبـة علیـه وفقا لاختلاف الأدوات المستخدمة، والخلفیة الثقافیة، والاجتماعیة لأفراد عینة كل دراسة علـى حدى.
مما سبق يتضح التالي :

من خـلال المراحـل السـابقة الـذكر یتضـح انـه فـي المرحلـة الأولـى أي مرحلـة الدراسـات الوصـفیة كـان اضـطراب التوحـد یشـخص علـى أنـه ضـمن أحـد إذعانـات الطفولـة( الفصـام المبكر الطفولي).

كانـت نتـائج دراسـات المرحلـة الأولـى نتـائج غیـر دقیقـة وغیـر مضـبوطة لعـدم تجـانس العینة في جانب العمر الزمني والمستوى العقلي بالإضافة إلى أسـالیب وأدوات التشـخیص

أمـا فیمـا یخـص المرحلـة الثانیـة وهـي ضـمن الدراسـات الأولـى أكملـت مـا جـاءت بـه الدراسـات السابقة فلم تضیف الجدید فكانت التقاریر التي تقدمها عبارة عن قصص اجتماعیـة فهـي غیـر دقیقة إلى أن جاء العالم لیو كانر (Lea Kenner) الذي كان له الفضل فـي إظهـار اضـطراب التوحـد كاضـطراب نمـائي منفصـل عـن الاضـطرابات الأخـرى وأطلـق علیـه اسـم جدیـد ألا وهـو (التوحد الطفولي) ومن هنا انطلـق تـاریخ التوحـد

وأخیـرا تـأتي المرحلـة الثالثـة التـي ركـزت علـى أهمیـة اللغـة وتطورهـا كـون اللغـة أداة تواصـل بـین الطـرف الأخـر بالإضـافة إلـ ى أن هـذه الدراسات في تلـك المرحلة امتازت بالدقـة والضبط والتنظیم سـواءا بالنسبة للعینـات أو الأسالیب وأدوات التشخیص عكس المرحلتین السابقتین.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock